ل التصنيفات السياسية مثل "اليمين" و"اليسار" ما تزال تعبّر عن واقعنا؟
قراءات فلسفية

الفكر اليساري مقابل الفكر اليميني: هل ما زالت هذه الثنائية صالحة اليوم؟

هل التصنيفات السياسية مثل “اليمين” و”اليسار” ما تزال تعبّر عن واقعنا؟

مقال يعيد التفكير في الوعي السياسي خارج التصنيفات الجاهزة.

هل هناك حقًا “فكر يساري” و”فكر يميني”؟ قراءة فلسفية في أوهام التصنيف

في زمن الفوضى الإيديولوجية، يتكرر تصنيف البشر إلى “يسار” و”يمين” كما لو أن الفكر يمكن حشره في صندوقين سياسيين موروثين من صراعات القرنين الماضيين. فهل هذه التقسيمات تعكس حقائق معرفية؟ أم أننا بإزاء خدعة لغوية تُدار بها العقول قبل المصالح؟

جذور التصنيف: من البرلمان إلى الوعي

لقد وُلد مصطلحا “اليمين” و”اليسار” في أعقاب الثورة الفرنسية، لا في الفلسفة، بل في مقاعد البرلمان. جلس المحافظون على يمين الملك، والإصلاحيون على يساره، فتحوّل الاتجاه المكاني إلى هوية فكرية. لكن هل يمكن فعلاً أن نربط تصوّر الإنسان للعدالة والحرية والمساواة بموقعٍ مكاني؟
اليمين يزعم حماية “الثوابت”، واليسار يزعم حمل راية “التحوّل”. لكن أي ثوابت؟ وأي تحوّل؟ وهل الزمن نفسه يقبل بثوابت لم يضعها؟ وهل التحوّل دوماً هو نقيض العقل؟

الفلسفة لا تعرف الاتجاهات

بين الفلسفة والسياسة: هل الفكر يُختزل في اتجاه؟

في الحقيقة، لا تنتمي الفلسفة إلى يمين أو يسار.

  • أفلاطون في “الجمهورية” دعا لحكم النخبة، وهو يميني سياسيًا لكن يساري اجتماعيًا.

  • جان بول سارتر، أحد رموز اليسار، وقع في تناقض حين دافع عن أنظمة سلطوية باسم “حرية الجماعة”.

  • وحتى نيتشه، رغم اتهامه بالترويج لأفكار فاشية، كان فيلسوفًا فردانيًا ضد أي قطيع.

  • الفكر الفلسفي لا يتبع خطوطًا أفقية بل يحفر عموديًا في الوعي الإنساني.

بين الفكر والمصلحة: حين تختبئ السلطة خلف الأيديولوجيا

ما يُصنّف اليوم على أنه “فكر يساري” غالبًا ما يُستغل لتبرير هيمنة ثقافية جديدة، وما يُسمى بـ”الفكر اليميني” يُستخدم لتجميد التاريخ عند لحظة انتصار قديمة. نحن أمام توظيف سياسي للأفكار، لا أمام فلسفة تبحث عن الحقيقة. وحين تصبح الأيديولوجيا ملاذًا من التفكير، تفقد الفلسفة دورها، وتتحول إلى خادمة لمصالح لا تفكر.

 نحو تجاوز الثنائيات: هل من فكر ثالث؟

الفكر الحقيقي لا يضع قدمًا في اليمين ولا في اليسار، بل يقف في أعلى سلّم الوعي، حيث يرى الإنسان لا ككائن تصنيفي، بل ككائن جدير بالتساؤل. ربما حان الوقت للعودة إلى السؤال الأول:
ما الإنسان؟
لا ما “موقفه السياسي”، بل ما “جوهره الأخلاقي والمعرفي”.

🔹 في عالم يُراد لنا فيه أن نختار بين معسكرين، ربما تكمن الحرية الحقيقية في أن نختار أن لا ننتمي.
🔹 هل ما زلتَ تؤمن بأنك “يميني” أو “يساري”؟ أم أنك تفكر بما لا يُفكر فيه؟

✒️ اكتب رأيك في التعليقات، وشارك المقال مع من يخلط بين الفكر والانتماء.

🔗 روابط مقترحة:

الفكر اليساري والفكر اليميني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *